responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنتقى شرح الموطإ المؤلف : الباجي، سليمان بن خلف    الجزء : 1  صفحة : 261
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ لِسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَا أَشَدَّ مَا رَأَيْتَ أَبَاكَ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ فِي السَّفَرِ فَقَالَ سَالِمٌ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَنَحْنُ بِذَاتِ الْجَيْشِ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ بِالْعَقِيقِ) .

مَا يَجِبُ فِيهِ قَصْرُ الصَّلَاةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا قَصَرَ الصَّلَاةَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: 101] وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا سَفَرٌ لَمْ يُحْظَرْ فِي مَسِيرِهِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَشُرِعَ فِيهَا الْقَصْرُ كَسَفَرِ الْعِبَادَةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا السَّفَرُ الْمَكْرُوهُ فَقَالَ مَالِكٌ لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْقَصْرِ فِي سَفَرِ الْمُتَصَيِّدِ لِلَذَّةٍ أَنَا لَا آمُرُهُ بِالْخُرُوجِ فَكَيْفَ آمُرُهُ بِالْقَصْرِ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ سَفَرٌ غَيْرُ مُبَاحٍ فَلَمْ يُشْرَعْ فِيهِ الْقَصْرُ كَسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا سَفَرُ الْمَعْصِيَةِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَرَوَى زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ سَفَرَ الْمَعْصِيَةِ مَمْنُوعٌ مِنْهُ مَأْمُورٌ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ فَلَا يَصِحُّ تَنَاوُلُ النِّيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فِيهِ.
وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ هَذَا مَعْنَى يُتَرَخَّصُ بِهِ فِي سَفَرِ الطَّاعَةِ فَجَازَ أَنْ يُتَرَخَّصَ بِهِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ رِوَايَتِهَا لِهَذَا الْحَدِيثِ تُتِمُّ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ قَالَ الزُّهْرِيُّ قُلْتُ لِعُرْوَةِ فَمَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ قَالَ تَأَوَّلَتْ مَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ فَقِيلَ تَأَوَّلَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْخَلِيفَةُ وَأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يَمُرُّ فِيهِ فَهُوَ قُطْرُهُ وَأَنَّ مَنْ فِيهِ مُلْتَزِمٌ لِطَاعَتِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِيطَانِهِ فِيهِ فَحُكْمُهُ لِذَلِكَ أَنْ يُتِمَّ وَتَأَوَّلَتْ عَائِشَةُ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّ كُلَّ نُزُلٍ تَنْزِلُهُ فَهُوَ مَنْزِلٌ لِمَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا بِالْبُنُوَّةِ كَانَ حُكْمُهَا لِذَلِكَ أَنْ تُتِمَّ.
وَوَجْهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ عُثْمَانُ فِي ذَلِكَ أَنَّ لِلْإِمَامَةِ تَأْثِيرًا فِي أَحْكَامِ الْإِتْمَامِ كَمَا لَهَا تَأْثِيرٌ فِي إمَامَةِ الْجُمُعَةِ وَلِذَلِكَ كَانَ حُكْمُ الْإِمَامِ يَمُرُّ بِمَوْضِعِ جُمُعَةٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ وَهُوَ مُسَافِرٌ غَيْرَ أَنَّ «عُثْمَانَ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - سَافَرَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى مَكَّةَ وَغَيْرِهَا وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ» .
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ عُثْمَانُ وَعَائِشَةُ اعْتَقَدَا فِي ذَلِكَ التَّخْيِيرَ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فَآثَرَا الْإِتْمَامَ وَتَأَوَّلَا أَفْعَالَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَصْرِ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ التَّخْفِيفَ عَنْ أُمَّتِهِ كَالْفِطْرِ.
وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ عُثْمَانَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ بِمِنًى ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ السُّنَّةَ سُنَّةُ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ثُمَّ سُنَّةُ صَاحِبَيْهِ» وَلَكِنْ حَدَثَ طَغَامٌ مِنْ النَّاسِ فَخِفْتُ أَنْ يَنْسَوْا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُثْمَانُ وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إنَّمَا أَتَمَّا بِمِنًى بَعْدَ الْمُقَامِ بِمَكَّةَ مُدَّةَ الْإِتْمَامِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الْخُرُوجِ إلَى عَرَفَةَ مَسَافَةُ قَصْرٍ لِمَنْ احْتَسَبَ فِي الْقَصْرِ بِالْخُرُوجِ خَاصَّةً دُونَ الرُّجُوعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا غَيْرُ هَذَا مِنْ وُجُوهِ الْإِتْمَامِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(ش) : سُؤَالُهُ عَنْ أَشَدِّ مَا رَآهُ أَخَّرَ أَبُوهُ الْمَغْرِبَ مِنْ الْوَقْتِ لِيَعْرِفَ بِذَلِكَ آخِرَ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَأَخْبَرَهُ سَالِمٌ بِمَا شَاهَدَ مِنْ فِعْلِهِ وَعَلِمَ ذَلِكَ بِمَوْضِعَيْنِ لَا يَعْرِفُ مِقْدَارَ التَّأْخِيرِ إلَّا مَنْ عَرَفَ مَا بَيْنَهُمَا وَحَمَلَ ذَلِكَ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ سَيْرِ مَنْ جَدَّ فِي السَّيْرِ.

[مَا يَجِبُ فِيهِ قَصْرُ الصَّلَاةِ]
(ش) : قَوْلُهُ كَانَ إذَا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا خَصَّ سَفَرَهُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِأَنَّهُمَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي سَفَرِهِ ذَلِكَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: قَدْرُ السَّفَرِ الَّذِي تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ.
وَالثَّانِي: قَدْرُ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَشْرَعُ فِي الْقَصْرِ

اسم الکتاب : المنتقى شرح الموطإ المؤلف : الباجي، سليمان بن خلف    الجزء : 1  صفحة : 261
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست